أسرار قوة العقل الباطن وتقنيات التواصل معه
منذ 3 سنوات بقلم مينة
blog

اللاواعي أو اللاشعور أو " العقل الباطن " والتسميات متعددة، هو واحد من أهم العناصر التي تكون شخصيّة الإنسان، هناك من يعي بهذا المكون وهناك من لا يدري به، وتتعدد المدارس الفكريّة والعلمية في تحديد هذا المفهوم بشكلٍ قاطع، تتعدد التعريفات وتتعدد المدارس، ولكن يتفق الجميع على أنّ العقل الباطن هو عبارة عن مجمل الاختبارات والأحداث المترسبة والمخزنة في العقل البشري وحتى تلك الناتجة عن القمع النفسي، وكل هذه الاختبارات لا تتصل وليس لها علاقة بالذاكرة. 

 

ما هو " العقل الباطن " ؟ 

العقل الباطن، وهناك من يطلق عليه " اللّؤلؤة المكنونة "،  هو تماما ذلك الوعاء الذي تتجمع فيه كل أفكار ومشاعر وأحاسيس الفرد وكذا كل ذكرياته والأحداث التي مرت عليه، والتي تُرجِمت من بعد إلى أحاسيس، والتي سوف تخرج يوما ما إلى العالم الخارجي، بأساليب مختلفة لكي تعبر عن شخصية الفرد، حيث أن الذكريات القديمة تكون قد فعلت فعلتها وكونت شخصية معينة.

 

بمعنى آخر، أن العقل الباطن إذا قام بتخزين المشاعر الجميلة والذكريات الرائعة لسنوات طويلة، فالنتيجة أكيد سوف تكون شخصية رائعة سوية وطيبة، على العكس تماما من ذلك إذا قام العقل الباطن بتخزين على مدار سنين (منذ لحظات الإنسان الأولى) الذكريات السوداء والمشاعر السلبية والسيئة، فالنتيجة طبعا لن تكون سوى شخص بغيض، سيء على نفسه وعلى الآخرين وقد يصل حد الخطورة على المجتمع.

 

وعليه نفهم أن العقل الباطن يستطيع التقاط ملايين الإشارات في نفس الوقت من خلال كل حواس الشخص، مع كل ما يرافق تلك الإشارات من أحاسيس ومشاعر، حتى تظهر في فترات لاحقة على شكل صور وميولات واهتمامات شخصية عند الفرد.  

 

أسرار قوّة العقل الباطن

للعقل الباطن قوة وأسرار كثيرة ، هذه فقط بعض منها : 

التصرفات العفويّة

عكس ما يعتقده ملايين البشر فوق الكرة الأرضية، فإن التصرفات العفوية التي تصدر من الأشخاص، ليست نتيجة البيئة التي نشؤوا فيها والظروف المحيطة بهم فقط، بل إنها قوة العقل الباطن، التي تعتبر مسؤولة عن كل تصرفاتنا، والتي أحيانا قد تجعلنا نتساءل لماذا فعلت كذا وكذا؟ لكن الجواب هو أن أصل كل تلك التصرفات مخزن في العقل الباطن. 

 

طبيعة الأفكار

يحاول الكثيرون التفكير بصورة إيجابية، غير أنهم يجدون تفكيرهم قد أخذهم إلى جانب سيء وأسوأ، الواقع هو أن التفكير سواء كان إيجابيا أو سلبيا، ليس نابعا من العقل الواعي، بل من العقل اللاواعي، حيث أنه وعلى مدار عمر الشخص يقوم بتخزين كل المشاعر الإيجابيّة أو السلبيّة، والتي تتحكم فيما بعد بطريقة تفكيره، والتغلب على هذا الأمر يتطلب من الشخص ممارسة أنشطة تشعره بالسعادة، وتغيير نمط حياته إلى الأفضل، لمدة طويلة من الزمن، حتى تنعكس هذه الحياة الجديدة وتتخزن هي أيضا في عقله الباطن، وتنعكس بالتالي على أسلوب تفكيره .  

 

العبارات الإيجابية : " أنا الأفضل "

أنا الأفضل، أنا ناجح، أنا قوي وغيرها من الكلمات الإيجابية المحفزة على النجاح والتفوق في الحياة،  هذه الكلمة السحريّة التي على كل فرد تكرارها بشكلٍ دائم، حتى تتعزز لديه الثقة بالنفس والقوة،  وتكرارها والإيمان بها، هي مفتاح سحري للوصول إلى العقل الباطن، والتحكم فيه والسيطرة عليه وعلى نوعية الأفكار التي تدور به، حيث أن تكرار الأمور التي ترددها لنفسك مع نفسك، سوف ينغرس في عقلك الباطن الذي سوف يسخر كل قوى العقل للوصول إلى ما تبتغيه، لأنك سوف تشعل فيه الكثير والكثير من الحماسة لأجل ذلك. 

 

تقنيات للتواصل مع العقل الباطن 

توجد العديد من التقنيات والطرق التي يمكن بها للشخص التواصل مع عقله الباطن أهمها:

التأمل

أسلوب بسيط جدا، سوف يأخذك إلى أعماق وعيك، والدخول في حالةٍ قريبة جدا من الحلم، حيث يُصبح عمل أنماط الدماغ بطيء وأكثر انتظاما، لكن أهم شيء الانزواء في مكان خال مريح جدا، بعيدا عن الضجيج والأصوات العالية، وقتها سوف تبدأ أفكار العقل الباطن السلبية والسيئة بالخروج، والاحتفاظ فقط بالأفكار الجيدة والمريحة للذات.

 

 الاستماع إلى الموسيقى

الاستماع إلى الموسيقى يُحفز العقل الباطن كثيرا ويساعده كثيرا في التعبير عن نفسه بشكل أحسن، حيث أن العقل الباطن يحب كثيرا الموسيقى دون كلمات ( الكلمات تهم أكثر العقل الواعي ) ، حيث أنها تغذي  النفس وتعيد إحيائها بشكل حقيقي، لكي يتم فيما بعد التواصل مع العقل الباطن بشكل أفضل . 

 

اتِّباع الغريزة الإنسانية

عندما تواجهك مشكلة كبيرة وتحتار في إيجاد حل جيد لها، قد يخطر ببالك فكرة معينة، قد تضعك في حيرة من أمرك، من أين جاءت الفكرة، ربما هي غير صائبة، لا .. يا عزيزي القارئ الفكرة صائبة جدا، وهي الحل الجيد لمشكلتك، لأنها جاءت من عقلك الباطن، لأنه في لحظة عجزك أنت هو كان على قدر عال من الإدراك، ثم تحدث إليك.

 

في النهاية نعاود التذكير بأن وَظيفة العقل الباطن هي تجميع كل المعلومات التي تمر على الشخص في كل لحظات حياته وتخزينها ليُعيدها إلى العقل الواعي عند حاجته إليها، وأيضا إن للعقل الباطن قوة رهيبة جدا، قادرة على أن تسيطر تماما على العقل الواعي للإنسان، وبالتالي سهولة التحكّم في جميع التصرّفات الصادرة عن الإنسان سواء كانت جيدة أو سيئة، وأنّ قوة العقل اللاواعي جبارة بحيث أنها تمتلك قوةً لا حدود لها تستطيع تغيير مسار الفرد سواء بالإيجاب أو السلب.

 

معلومة لابد من الإشارة إليها في الأخير، وهي أن العقل الباطن لا يمكنه التمييز بين أفعال الخير وأفعال الشر أو بين الأشياء الجيدة أو الأشياء السلبية، وإنما هو فقط يحفظ كل الأحداث والمعلومات كي يخرجها من بعد على شكل انفعالات ومشاعر.