بسبب جائحة كورونا اضطر الكثير من الموظفين إلى العمل في المنزل، وأغلبهم غير معتادين على العزلة في البيت، والانزواء بعيدا عن زملائهم، والواقع يقول أن أغلب هؤلاء الأشخاص ليس لديهم مكتب خاص في البيت أو مساحة منزلية خاصة مساعدة على القيام بالعمل عن بعد بشكل جيد جدا، مع حضور مشكل تشتيت التركيز الدائم بسبب أن معظم الأشخاص لا يعيشون لوحدهم في البيت، أي أن البيت يعرف طيلة اليوم حركة وغياب الهدوء وعليه، وفي غياب الخصوصية في البيت، قد يضطر الكثير من الموظفين أحيانا إلى إجراء مكالمات شغل مهمة من المطبخ أو الحمام، وهو الأمر الذي جعل العديدين يعيشون حالة قلق كبيرة وتوتر .
من جهة أخرى، هناك شباب عربي آخر اختار عن طواعية العمل عن بعد، لأنه غالبا لم يجد عملا على أرض الواقع، خاصة مع الانتشار الكبير لمواقع الشغل عن بعد سواء العربية أو العالمية، وذلك بفضل الثورة الكبيرة للتكنولوجية الجديدة التي شهدها العالم في السنين الأخيرة، وعلى العموم أثبتت التجربة أن العمل عن بعد، بالرغم من أنه يبدو مريحا، حيث أن الشخص يعمل من البيت ولا يركب مواصلات ولا يضطر للنهوض باكرا، فهو على العكس من ذلك لديه انعكاسات سلبية قد تصل حد الخطورة أحيانا.
العزلة الاجتماعية
العمل عن بعد، يعني قضاء وقت طويل في البيت، يعني أيضا أنه سوف تُلغى نهائيا عملية التواصل الاجتماعي مع الاخرين، مما سووف يؤثر مع الوقت على الشخص، كما أن هذا الوضع سوف يقلل كثيرا من فرص تعرفه على أشخاص آخرين وربط علاقات اجتماعية جديدة، سواء كانت علاقة الشغل جيدة أو سيئة مع الزملاء، فإن الحياة داخل مقر العمل، مهمة جدا لضبط التوازن الاجتماعي والنفسي للشخص، فالإنسان كائن اجتماعي بطبعه، وهو بحاجة دائمة إلى مخالطة الآخرين.
الخمول وقلة الحركة
العمل عن بعد، في غياب كرسي دوار مريح مثل ذاك الذي يوجد في المكاتب العادية والتي صنعت خصيصا كي لا يشعر صاحبها بالتعب، يعني الجلوس على كرسي غير مريح طيلة اليوم، أي آلام بالظهر، أو الاستلقاء طيلة اليوم للعمل على السرير أو منضدة، يعني شبه غياب للحركة، أي زيادة وزن التي تتحول مع الوقت إلى سمنة، قلة الحركة مع الوقت، تعلم الجسد الخمول، مما يهدد الصحة البدينة للفرد وهذا في حد ذاته خطر كبير تظهر أعراضه على المستوى البعيد.
آثار سلبية على العين والرؤية
الاشتغال الكثير على جهاز الكمبيوتر يجعل العيون لا ترمش بالمعدل الطبيعي، وهو الأمر الضروري كي تحتفظ العين على رطوبتها، وإذا طالت المدة، فهذا مضر جدا بالعين، حيث أنها سوف تتعرض للجفاف، كما أن أشعة جهاز الكمبيوتر تعرض العين إلى إجهاد كبير، ومع مرور المدة سوف يتناقص تدريجيا النظر.
بالنسبة لمن اضطروا للعمل عن بسبب جائحة كورونا، فأكيد أن الوضع مؤقت، مرتبط فقط باختفاء الفيروس نهائيا، وسوف تعود الأمور إلى طبيعتها، بالنسبة لهؤلاء الخطر يبقى مؤقتا، ومع ذلك وجب التعامل مع الأمر، لأنه بكل الأحوال يترك أثرا.
الخطر الكبير والمشكل الأكبر، يكمن عند فئة الأشخاص الذين اختاروا عن طواعية العمل عن بعد كمصدر رزق رسمي وأكيد سوف يستمرون على هذا الوضع لسنوات عديدة، هؤلاء الأشخاص معرضون خاصة إلى الانفصال الاجتماعي عن محيطهم وإلى كل السلبيات المذكورة سابقا، ومع طول المدة فقد يتطور الأمر إلى الأسوأ والذي لن تحمد عقباه، ولهذا نقترح بعض الاقتراحات العملية التي من شأنها، مساعدة هؤلاء الأشخاص على عيش حياة سليمة :
• أنشئ روتينًا خاصا
ابتكر عادات جديدة، تساعدك على تحديد بداية يوم عملك ونهايته، حدد وقتا ثابتا للعمل في البيت، تماما مثل دوام العمل التقليدي، غير ملابسك كل صباح كما لو أنك ذاهب فعلا إلى المكتب وعندما ينتهي دوام عملك اليومي غير ملابسك وارتدي ملابس البيت
• تخصيص يوم عطلة
هو أمر هام جدا، لتوازن الشخص النفسي، يوم عطلة لا عمل فيه، وجب استغلاله للخروج، ورؤية العمل خارج المنزل، التجول، الركض، المشي، الأكل خارجا، التواصل مع آخرين، الحديث مع عامل المقهى، مع عامل السوبرماركت، المهم ممارسة الحياة الاجتماعية وكسر روتين العمل اليومي والعزلة في البيت.
• اعتن بنفسك
تناول طعاما صحيا، واضب على ممارسة الرياضة، نصف ساعة يوميا في البيت، تحافظ بها على لياقتك البدنية، وسوف تكون فكرة جيدة جدا لو تمشي ساعتين أسبوعيا تحت أشعة الشمس وفي الهواء الطلق، وتطلق العنان لبدنك كي يتحرك ويدب فيه النشاط وهي فرصة كي تلتقي أصدقائك في الخارج
• تواصل مع زملاءك في العمل
حافظ على علاقاتك الاجتماعية ولو عن بعد، خارج دوام العمل، ابعث رسالة واتساب إلى صديقك المفضل، إستفسر عن أحواله، تواصل مع أفراد أسرتك، اكسر عزلتك الاجتماعية ولو افتراضيا.
• احضر طلبيات البيت
خارج دوام عملك من البيت، اخرج بنفسك لأجل إحضار طلبيات البيت اليومية، تواصل مع البائعين وتحدث إليهم عن الأسعار، ولو أن الأمر يبدو بسيطا وهناك من يراه تافها، لكنه في هذه الحالة أمر هام جدا، فالخروج والذهاب للمتجر والحديث إلى البائع 3 عمليات روتينية تبدو عادية لكنها جد مهمة لأجل الحفاظ على حركة الجسم والتواصل الاجتماعي مع الاخرين الذي يعتبر مهما جدا لأجل التوازن النفسي.
العمل عن بعد، بالرغم مما يظهره من امتيازات ورفاهية، مثال البقاء في المنزل، عدم أخذ وسائل مواصلات وتجنب ازدحام الطرقات، النوم بشكل جيد وعدم الاستيقاظ على منبه الساعة السابعة صباحا أو ربما أبكر، وغيرها من الأمور، لا تلغي كون أنه مع طول المدة يتحول الأمر إلى ملل شديد، خاصة مع ما سوف يظهر على الشخص مع الوقت من أعراض العمل في البيت، من عزلة اجتماعية، قلة الحركة آلام في الرأس والعين، وقلة الأكل، لأنه بحسب التجربة فالعمل في البيت والجلوس كثيرا أمام جهاز الكمبيوتر، ينقص كثيرا من الشهية ، لذا فعلى كل شخص يعمل بالبيت أن ينتبه كثيرا إلى هذه التفاصيل، وأن يكون حريصا على الخروج من البيت وممارسة الحياة الطبيعية من فترة لأخرى، لأن العواقب النفسية والاجتماعية قد تكون وخيمة.